‏اكتب لـ Ostathi

‏نحن نبحث باستمرار عن كتاب ومساهمين لمساعدتنا في إنشاء محتوى قيّم لزوار مدونتنا.

‏اكتب في المدونة
إصلاح نظام التوجيهي والتخصصات الجامعية في الأردن: خطوة نحو التوافق مع متطلبات سوق العمل
التعليم في الأردن

إصلاح نظام التوجيهي والتخصصات الجامعية في الأردن: خطوة نحو التوافق مع متطلبات سوق العمل


‏بواسطة Ostathi Jordan
‏أغسطس 09, 2025    |    0

في ظل التحولات المتسارعة في سوق العمل الأردني والعالمي، تزداد الحاجة إلى تطوير الأنظمة التعليمية وتحديثها بما يواكب احتياجات المرحلة. وفي هذا السياق، نظّمت جماعة عمان لحوارات المستقبل ندوة حوارية بمشاركة وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور عزمي محافظة، ناقشت خلالها نظام التوجيهي الجديد في الأردن والتخصصات الجامعية ومدى مواءمتها مع متطلبات سوق العمل. 
جاءت هذه الندوة لتُشكّل منصة حوارية مهمة للنقاش المفتوح بين صانعي القرار والخبراء والمختصين، حيث طُرحت فيها عدة قضايا محورية تتعلق بالتوجيه الأكاديمي، واحتياجات سوق العمل، إلى جانب استعراض جوانب الخلل القائمة وتقديم مقترحات عملية لتطوير المنظومة التعليمية في الأردن، وذلك كما ورد في الموقع الرسمي لوزارة التربية والتعليم في الأردن. 

 

أبرز ملامح نظام التوجيهي الجديد: المرونة وتخفيف الضغط 

استعرض وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور عزمي محافظة، التعديلات الرئيسية التي طالت نظام شهادة الثانوية العامة (التوجيهي)، والتي تهدف إلى تعزيز مرونة النظام التعليمي، وتخفيف الضغط النفسي عن الطلبة، ورفع كفاءة عملية التقييم. وتتمثل أبرز هذه التعديلات في الآتي: 
  • اعتماد نظام نسبي لاحتساب المعدل العام، بحيث تُحتسب نسبة 30% من علامات الصف الحادي عشر، و70% لنتائج الصف الثاني عشر، بما يساهم في تعزيز الاستمرارية الأكاديمية لدى الطلبة، ويُقلل من التوتر المصاحب لسنة التخرج. 
  • إتاحة الفرصة لإعادة امتحان المواد مرتين خلال الصفين الحادي عشر والثاني عشر، لتمكين الطلبة من تحسين نتائجهم دون الحاجة لإعادة السنة الدراسية بأكملها. 
  • توزيع الطلاب على ستة حقول أكاديمية إعادة هيكلة المسارات التعليمية وتقسيمها إلى ستة حقول أكاديمية هي: الحقل العلمي، الحقل الأدبي، الحقل الشرعي، الحقل الصحي، الحقل الهندسي، والحقل التكنولوجي.
ويهدف هذا التوزيع إلى توسيع خيارات الطلبة بما يتناسب مع اهتماماتهم وتطلعاتهم المستقبلية، كما ورد في تقرير وكالة الأنباء الأردنية بترا. 

 

تحديات قائمة: التخصص المبكر وضعف التوجيه الأكاديمي 

على الرغم من المزايا التي يتضمنها نظام التوجيهي الجديد، إلا أن المشاركين في الندوة أشاروا إلى عدد من التحديات التي قد تُضعف من فاعليته على أرض الواقع، وكان من أبرزها ما يلي: 
  • اعتماد اختيار التخصص الأكاديمي بعد الصف التاسع، وهي مرحلة عمرية لا يكون الطالب فيها مهيئًا نفسيًا أو معرفيًا بشكل كافٍ لاتخاذ قرار مصيري يؤثر على مستقبله الدراسي والمهني. 
  • الغموض في تصنيف المواد الدراسية بين الإلزامي والاختياري، مما يُسبب ارتباكًا لدى الطلبة ويصعّب عليهم وضع خطة دراسية واضحة ومترابطة. 
  • الاختلال في توزيع الطلبة بين الحقول الأكاديمية، حيث يشهد الحقل الصحي إقبالًا كبيرًا تجاوز 70,000 طالب وطالبة، في مقابل انخفاض ملحوظ في عدد الملتحقين بالحقل الهندسي، الذي لم يتجاوز 6,000 طالب، رغم أهميته الكبيرة في تلبية متطلبات التنمية وسوق العمل. 

رؤية إصلاحية وتوصيات قابلة للتطبيق 

في ختام النقاش، قدّم المشاركون مجموعة من التوصيات العملية التي من شأنها تعزيز فاعلية النظام الجديد وضمان تحقيق العدالة والكفاءة فيه. وقد تمحورت أبرز هذه المقترحات حول ما يلي: 
إعادة النظر في آلية القبول الجامعي، من خلال توحيد بعض المواد الأساسية بين مختلف الحقول الأكاديمية، مثل الرياضيات، واللغة العربية، واللغة الإنجليزية، لضمان امتلاك جميع الطلبة قاعدة معرفية مشتركة تؤهلهم للانتقال بين التخصصات بسهولة. 
تقليص عدد الحقول الأكاديمية من ستة إلى أربعة، بهدف تبسيط التصنيفات الدراسية وتسهيل الخيارات أمام الطلبة، ما يساهم في الحد من التشتت ويعزز وضوح المسارات التعليمية. 
تعزيز مواءمة القبول الجامعي مع احتياجات سوق العمل، عبر إجراء دراسات دورية تُحدّث باستمرار بيانات العرض والطلب في القطاعات المختلفة، وتُستخدم هذه الدراسات لتحديد الأعداد المناسبة للقبول في كل تخصص، وتفادي التكدّس في التخصصات المشبعة. 

 

التعليم التقني والمهني: الحل المستقبلي لسوق العمل 

أشار الدكتور عزمي محافظة خلال مداخلته إلى أن تعزيز التعليم المهني والتقني يُعد من أبرز الحلول الممكنة لسد الفجوة المتزايدة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل. وقد بيّن أن الوزارة تبذل جهودًا ملموسة في هذا المجال، من خلال دعم مؤسسات تعليمية متخصصة مثل: 
ورغم هذه الجهود، ما تزال هناك تحديات تواجه هذا المسار، في مقدمتها ضعف المهارات العملية واللغوية لدى خريجي المدارس، وهو ما يستدعي إعادة النظر في محتوى المناهج الدراسية، وتطوير أساليب التعليم والتدريب، إلى جانب توفير الإرشاد والدعم النفسي والتربوي للطلبة منذ المراحل الدراسية الأولى، لتمكينهم من اتخاذ قرارات أكاديمية، ومهنية أكثر وعيًا واستعدادًا. 

 

رؤية مستقبلية: نحو تعليم مرن ومتوافق مع متطلبات العصر 

تُعد الإصلاحات الأخيرة في نظام التوجيهي خطوة أولى في مسار إصلاح شامل للمنظومة التعليمية في الأردن، إلا أن نجاح هذا المسار يتطلب إجراءات مكمّلة تواكب هذه التغييرات وتُرسّخها. ومن أبرز الخطوات المقترحة: 
تصميم وتنفيذ برامج وطنية لاكتشاف ميول الطلبة الأكاديمي في وقت مبكر، من خلال اختبارات مهنية موثوقة وتوجيه أكاديمي متخصص، بما يضمن توجيههم نحو المسارات التي تتناسب مع قدراتهم وطموحاتهم. 
التركيز على دعم القطاعات التقنية والرقمية الصاعدة، مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، وتطوير البرمجيات، وذلك من خلال تعزيز الشراكات بين مؤسسات التعليم والقطاع الخاص، إلى جانب جذب الاستثمارات المحلية والدولية في مجالات الابتكار والتكنولوجيا. 
توسيع نطاق التعليم المهني والتقني وتعزيز حضوره كمكوّن أساسي ومتكافئ مع التعليم الأكاديمي، وليس كخيار ثانوي، مع العمل على ترسيخ ثقافة احترام المهن والتخصصات التطبيقية في المجتمع. 
ومن خلال هذا التوجه الشامل، يمكن للأردن أن يتحول إلى مركز إقليمي في التعليم الحديث القائم على المهارة، لا على الشهادة فقط، ويضمن بذلك مستقبلًا أفضل لأبنائه وفرص عمل أكثر استدامة وتنافسية. 
لمعرفة المزيد من المعلومات قم بقراءة مقال ندوة حوارية تناقش التوجيهي والتخصصات في ضوء متطلبات السوق